كوريا الجنوبية تنتخب رئيساً جديداً بعد أزمة "الأحكام العرفية"
كوريا الجنوبية تنتخب رئيساً جديداً بعد أزمة "الأحكام العرفية"
يدلى ملايين الناخبين في كوريا الجنوبية، اليوم الثلاثاء، بأصواتهم لاختيار رئيس جديد للبلاد، في أول انتخابات رئاسية تُجرى عقب عزل الرئيس السابق يون سوك يول بعد محاولته فرض الأحكام العرفية نهاية العام الماضي، وهو ما فجر أزمة دستورية غير مسبوقة في البلاد.
غرقت البلاد في فوضى سياسية منذ أن حاول الرئيس السابق، في ليلة الثالث إلى الرابع من ديسمبر، فرض الأحكام العرفية، مستحضراً حقبة الديكتاتورية العسكرية التي عانت منها كوريا الجنوبية لعقود، وقاد هذا السلوك البرلمان إلى عزله واتهامه بـ"التمرد"، قبل أن تصدر بحقه مذكرة توقيف لاحقًا بحسب فرانس برس.
وبينما أفرج القضاء عنه في مارس الماضي، لا يزال يون يواجه تهماً قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد أو حتى الإعدام.
جولة تحسم مصير الرئاسة
تُجرى الانتخابات من جولة واحدة، ويتصدر السباق مرشح يسار الوسط لي جاي ميونغ الذي حصل على تأييد 49% من المشاركين في أحدث استطلاع أجرته مؤسسة غالوب، متقدماً على منافسه المحافظ كيم مون سو من حزب "قوة الشعب" الذي نال 35%.
ورغم اختلاف الرؤى بين المرشحين، فإن كليهما سيواجهان ملفات ثقيلة في حال الفوز، تتصدرها الأزمة الاقتصادية، ومعدلات الولادات المنخفضة، والتوتر المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة.
نسبة إقبال مرتفعة
أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات في كوريا الجنوبية أن نسبة الإقبال بلغت 62.1% حتى منتصف اليوم، متجاوزة معدل المشاركة في الفترة ذاتها من الانتخابات السابقة.
ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات تمثل استفتاءً شعبيًا على أداء الإدارة السابقة، وخصوصًا على تصرفات الرئيس المعزول، الذي وصفها المواطن بارك دونغ شين (79 عاماً) بأنها "تشبه دكتاتورية عشناها في الماضي".
فيما انتشرت قوات الشرطة بكثافة في العاصمة سيول، وسط هدوء ساد الشوارع، في ظل حالة تأهب أمني مرتفعة. وقد صوت الرئيس المعزول يون وزوجته في أحد مراكز الاقتراع القريبة من منزلهما، دون الإدلاء بأي تصريحات.
محاولة اغتيال
خاض المرشح الأوفر حظًا لي جاي ميونغ حملته الانتخابية تحت حراسة أمنية مشددة، مرتديًا سترة واقية من الرصاص، بعد تعرضه لمحاولة اغتيال في وقت سابق. وألقى معظم خطاباته خلف حواجز زجاجية واقية.
وفي منشور عبر فيسبوك، كتب لي أن التصويت "سيُظهر قوة الشعب الكوري"، مشيرًا إلى أن البلاد تستحق بداية جديدة بعد أشهر من الاضطرابات.
النتائج الأولية الليلة
من المتوقع أن تنشر كبرى محطات التلفزيون نتائج استطلاعاتها عقب إغلاق صناديق الاقتراع عند الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي، وهي نتائج غالبًا ما تكون دقيقة، كما جرى في انتخابات 2022.
وبخلاف الانتخابات العادية التي تتطلب فترة انتقالية مدتها شهران، سيُنصّب الفائز بالرئاسة مباشرة في اليوم التالي، نظراً للطابع الاستثنائي لهذه الانتخابات.
اندلعت الأزمة السياسية في كوريا الجنوبية أواخر عام 2024، حين حاول رئيس البلاد آنذاك يون سوك يول فرض الأحكام العرفية بحجة مواجهة اضطرابات داخلية، لكن المحاولة فشلت تحت ضغط البرلمان والقضاء والرأي العام، ما أدى إلى عزله واعتقاله.
ومنذ ذلك الحين، تُدار البلاد من قبل حكومتين مؤقتتين بصلاحيات محدودة، وسط تدهور اقتصادي وتصاعد في التوتر الجيوسياسي، وتمثل هذه الانتخابات محاولة لاستعادة الاستقرار الدستوري والثقة الشعبية بالمؤسسات الديمقراطية في أحد أهم الاقتصادات الآسيوية.